03‏/07‏/2011

حنين

أحن إلى الحرب . أعرف أنها فكرة مجنونة . أعرف أنها لن تروق لأحد. إنها ليست مازوخية و لا غرام بالعدو. إنها وقفة مع الحقيقة و رغبة في الحملقة في المرأة لا لتضخيم النرجسية و لكن لنفض غبار الشعارات عن بشاعة الواقع اليومي.
قد تكون هذه الفكرة هي السبب الذي جعلني أصمت لأكثر من سنتين بعد الحرب خجلاً منها؛ نسيت كلمة المرور لكني لم أحاول جديا في استعادتها, و عندما حاولت كان أمر استرجاعها سهلاً للغاية.
هي الفكرة التي كانت تلاحقني في كل لحظة, فبعد الحرب أيقنت أننا نعيش في "بلد الأوغاد" و أن هذا البلد ليس سوى " تواليت عمومي " محاصر.
في الحرب كان كل شيء واضح. أنظروا إلى الصورة , كأنهم نائمون بدون أي قلق ؛ المرأة لم تحتضن طفليها فطغيان النوم أقوى من الأمومة؛ تظهر البنت الصغيرة نائمة على جانبها- في تشكيل موفق لخيال فنان- و الطفل على ظهره و شيالة المشرحة هي إطار اللوحة؛ الألوان المائية جاءت رشيقة بالأحمر على الغطاء و لمسات فرشاة الزيت بالقرمزي تمنح الوجوه خشونة الحدث الذي باغت الحياة لينفيها؛ و يبدو أن دافينتشي أستدعي على عجل ليمنح المشهد ملائكية الجويكندا.
في الحرب كان كل شيء واضح. لم يتحرك الصليب الأحمر رغم أنه سمع النداء؛ لم يفكر القتلى بالمساعدات؛ كان الجنود يتركون دمائهم و أدميتهم في البيت قبل انتعال البساطير؛ كان رئيس الوزراء مقيما في قسم الولادة ليكتب خطاب نصر دم الشهداء على شبح التكنولوجيا؛ كان المقاتلون يهربون من قسوة الحياة إلى الشهادة بدلاً من الموت في قارب مبحر نحو الشمال؛ كنا نصغي لصدى الإنفجارات القريبة عبر إذاعات الإف أم سعيا لتفسير مقنع لبقائنا على قيد الحياة؛ كان العالم يتسلى بمتابعة دمائنا و الجدال عن الجلاد و الضحية في أعياد رأس السنة؛ و كانت أدميتنا و الحياة هي أغلى ما امتلكنا.
في الحرب كان شيء واضح. تركنا بيوتننا؛ لزمنا بيوتننا؛ عدنا لما قبل هذي الحضارة الغبية؛ خفنا؛ قلقنا؛ هزمنا؛ انتصرنا؛ أكلنا و جعنا؛ عشنا و متنا؛ .....................

أحن إلى وضوح الحرب.