09‏/12‏/2008

هذه هي غزة


هذه هي غزة , ساعات طويلة بدون كهرباء, و الكيروسين المصري الذي لا يضيء إلا قليلا , و أنبوبة الغاز التي توشك على النفاذ في البيت لتجعله ينضم إلى بيوت تطهو على مواقد الكيروسين أو الحطب , و التشنج عند النقاش حول المسؤل عن عدم ذهاب الحجاج إلى مكة و عن أزمة الكهرباء و الغاز, و هي الحقائق الجديدة التي تفرض نفسها على الأرض, و هي الأنفاق و اقتصاده الذي تجعل الأسعار تتضاعف و تمنع دخول الغاز, و هي أولائك المترفون و أولائك المعدومين و نحن الذين نقف بين البينين لندبر حياتنا كيفما أتفق.

غزة هي التحسر على زمن سابق لدي البعض, و النشوة بالنصر و المكاسب الجديدة عند الآخرين, و هي الخوف من الإجتياح الكبير و القلق على السنوات القادمة عند الكثيرين.

غزة هي التفاصيل الصغيرة التي لا تحضرني , و لا تجد مكانا في الصحف التي لا تصل غزة؛ هي الرواتب التي لم تأتي للموظفين المعطلين عن العمل, و الفقر الذي يحاول أن يتحايل عليه العاطلون عن العمل بسلات الغذاء التي تأتي حينا و بالأمل الذي لا ينضب , و الكوبونات التي يحاول أن يقتنصها الجميع في معسكر الاعتقال ؛ هي القدرة على الحياة بصمت و بالكاد؛ هي الخوف من سطوة الأخ الأكبر و المشي بجانب الحائط ؛ هي المدرسات المنقبات اللواتي يوغلن في هجاء إبن المقفع و الطالبات اللواتي يجبرن على لبس الحجاب قبل سن البلوغ؛ و هي رام الله التي تقطع الرواتب و لا تزود القطاع بخرفان العيد و الأزياء الباكستانية و تقتر على رئيس الوزراء و حاشيته في نثرياتهم .

غزة هي تهاني العيد و النكات التي تأتي كرسائل قصيرة على الجوال؛ هي السيارات الفارهة التي صار يستقل الكثير منها ملتحون و منقبات , و هي الإشاعات عن وزير للأنفاق إشترى فيلا بسبعة ملايين من الدولارات ؛ هي السيارات التي تمشي بعكس الاتجاه في شوارع تكسر أسفلتها, و هي حيتان اللصوص الذين يأخذون مالهم و ما لغيرهم , و هي أموال الإعانات التي يتنازع عليها أو يقتسم جزء منها المحترفون, و هي المتلونون و المتملقون؛ و هي البشر المستنفرين للاستفزاز و من ثم للانفجار؛ هي زراعة الأمل في صحراء ترتوي من ماء البحر المالحة, و هي الحلم بالهجرة شمالا لصيد السمك من قعر بحيرة جليدية.

غزة هي هذا و ذاك ؛ هي العاصفة التي نحياها ؛ و هي هدوء ما قبل العواصف.

كل شيء في غزة عادي إلا أن يكون عادياً.

في غزة أستطيع الحياة ؛ ألاعب صغيرتي أكثر بعيدا عن الجلوس طويلا أمام جهاز الكومبيوتر ؛ أجد وقتا لأقرأ على ضوء مصباح الكيروسين سيء الإضاءة؛ أتدبر أعبائي القليلة.

في غزة أستطيع الحياة؛ أواظب على خلق المعارك الصغيرة هنا أو هناك ؛ أحصد الهزائم , و أسجل بعض الانتصارات لكنني لا أحصد سواء البقاء في غزة بعيدا عن الأمل بصيد السمك في البحيرات الجليدية.

>
هذه هي غزة , ساعات طويلة بدون كهرباء, و الكيروسين المصري الذي لا يضيء إلا قليلا , و أنبوبة الغاز التي توشك على النفاذ في البيت لتجعله ينضم إلى بيوت تطهو على مواقد الكيروسين أو الحطب , و التشنج عند النقاش حول المسؤل عن عدم ذهاب الحجاج إلى مكة و عن أزمة الكهرباء و الغاز, و هي الحقائق الجديدة التي تفرض نفسها على الأرض, و هي الأنفاق و اقتصاده الذي تجعل الأسعار تتضاعف و تمنع دخول الغاز, و هي أولائك المترفون و أولائك المعدومين و نحن الذين نقف بين البينين لندبر حياتنا كيفما أتفق.

غزة هي التحسر على زمن سابق لدي البعض, و النشوة بالنصر و المكاسب الجديدة عند الآخرين, و هي الخوف من الإجتياح الكبير و القلق على السنوات القادمة عند الكثيرين.

غزة هي التفاصيل الصغيرة التي لا تحضرني , و لا تجد مكانا في الصحف التي لا تصل غزة؛ هي الرواتب التي للموظفين المعطلين عن العمل, و الفقر و سلات الغذاء التي تأتي أحيانا للعاطلين عن العمل, و الكوبونات التي يحاول أن يقتنصها الجميع في معسكر الاعتقال ؛ هي القدرة على الحياة بصمت و بالكاد؛ هي الخوف من سطوة الأخ الأكبر و المشي بجانب الحائط ؛ هي المدرسات المنقبات اللواتي يوغلن في هجاء إبن المقفع و الطالبات اللواتي يجبرن على لبس الحجاب قبل سن البلوغ؛ و هي رام الله التي تقطع الرواتب و لا تزود القطاع بخرفان العيد و الأزياء الباكستانية و تقتر على رئيس الوزراء و حاشيته في نثرياتهم .

غزة هي تهاني العيد و النكات التي تأتي كرسائل قصيرة على الجوال؛ هي السيارات الفارهة التي صار يستقل الكثير منها ملتحون و منقبات , و هي الإشاعات عن وزير للأنفاق إشترى فيلا بسبعة ملايين من الدولارات ؛ هي السيارات التي تمشي بعكس الاتجاه في شوارع تكسر أسفلتها, و هي حيتان اللصوص الذين يأخذون مالهم و ما لغيرهم , و هي أموال الإعانات التي يتنازع عليها أو يقتسم جزء منها المحترفون, و هي المتلونون و المتملقون؛ و هي البشر المستنفرين للاستفزاز و من ثم للانفجار؛ هي زراعة الأمل في صحراء ترتوي من ماء البحر المالحة, و هي الحلم بالهجرة شمالا لصيد السمك من قعر بحيرة جليدية.

غزة هي هذا و ذاك ؛ هي العاصفة التي نحياها ؛ و هي هدوء ما قبل العواصف.

كل شيء في غزة عادي إلا أن يكون عادياً.

في غزة أستطيع الحياة ؛ ألاعب صغيرتي أكثر بعيدا عن الجلوس طويلا أمام جهاز الكومبيوتر ؛ أجد وقتا لأقرأ على ضوء مصباح الكيروسين سيء الإضاءة؛ أتدبر أعبائي القليلة.

في غزة أستطيع الحياة؛ أواظب على خلق المعارك الصغيرة هنا أو هناك ؛ أحصد الهزائم , و أسجل بعض الانتصارات لكنني لا أحصد سواء البقاء في غزة بعيدا عن الأمل بصيد السمك في البحيرات الجليدية.