05‏/12‏/2018

كوابيس ملوثة الهواء

أتذكر عندما كان يأتيني صياح  بائع الكلور نهاراً بدون أن أفتح الشباك: كلور .... كلور ... كلور

بائع البطيخ يدلل على بضاعته  بالميكروفون في وضح النهار: بطيخ ... بطيخ .. أحمر ع السكين..

أذهب إلى فراشي بعد يوم من الكوابيس اليومية خفيفة و ثقيلة الظل.

أذهب إلى فراشي: كوابيس ... كوابيس.. كوابيس...

معلمة المدرسة تقلد طلابها في الإذاعة المدرسية.. معلمة المدرسة تقلد نفسها في طابور الصباح... معلمة المدرسة بمريول أبيض... معلمة المدرسة تدير المهرجان الخطابي.. معلمة المدرسة تنقب في الكتب عن قصائد الشعر.. معلمة المدرسة تحاصر مدير التعليم بالمديح... معلمة المدرسة تصبح مديرة معهد تدريب المعلمات.. أرفض ارتداء المريول الأبيض في معهد تدريب المعلمات... تنظر إلي مديرة معهد تدريب المعلمات, أنظر إليها بدون أدنى اكتراث...

 لا أريد لهذا الكابوس أن ينتهي...

أريد لهذا الكابوس أن ينتهي ...  

طفلتي الصغيرة تلعب فوق سطح دارنا مع جندي إسرائيلي.
كابوس ثقيل الدم..

أصحو من النوم...

أنقذ الطبيب الذي توفي قبل ست سنوات من موتٍ محقق بشربة ماء.. والدي سقيم ... نحمله أنا و أخوتي  من الطابق الرابع إلى الطابق الأرضي.. ندخل إلى ورشة تصليح السيارات.. الطبيب الذي توفي قبل ست سنوات في الورشة بمريوله الأبيض المتسخ بلون زيت تشحيم السيارات... يداهمني عطش شديد..  أذهب إلى الحنفية لشرب الماء...

أتصل بوالدي ... والدي يرقد في المستشفى منذ يومين..

التوجيهي هو كابوسي المزمن.. مرة, أقرر إعادة التوجيهي لأحصل على مجموع أعلى... أخرى, السنة الأخيرة في المدرسة. تمر السنة بدون أدنى استعداد... أكتشف أنني حصدت مجموعاً أحسد عليه قبل سنوات..

والدتي تبتسم .. والدتي قوية كالعادة..

أستيقظ من النوم مسروراً بفعل ابتسامة  والدتي. أكتشف أن والدتي في المستشفى.. والدتي قوية كالعادة.

مدرعات إسرائيلية أو حاملات جنود بالكاكي, الملطخ بالوحل, تتمختر بأريحية في شارع النصر في غزة و كأنها تقوم برحلة سياحية.
أخرج من الفراش للتبول.. أطرد الكابوس و أستمر في النوم تحت الفراش ليلاحقني كابوس أخر... الصفعة على صدغي الأيسر..

 أخرج إلى الشاطئ,  فلا أجد ملابسي التي تركتها على الرمل قبل أن أذهب للسباحة في البحر.. أخرج من البحر مرتدياً ملابسي العليا... صاحبي يرفض طلبي بإحضار السروال. صاحبي النذل لم يظهر في الحلم... من ظهر كان صاحبي الصدوق...

كوابيس .. كوابيس مكيفة الهواء.. كوابيس بتدفئة مركزية...  كوابيس ساخنة ...  كوابيس تكاد أن تودي بك إلى سكتة قلبية. كوابيس .. كوابيس... كوابيس صور متحركة, تجعلك تتمنى أن تظل راقداً في فراشك. كوابيس سكوب ... بالألوان ... أبيض و أسود...  كوابيس مشبعة برطوبة الجو العالية... كوابيس بشيء من نكهة الحياة في غزة...



ليست هناك تعليقات: