12‏/05‏/2019

هناك


هناك أشذب لغتي من غبار الكلام. أحاور الماضي غير مكترثا بما سيحمله القادم من الوقت. أطارد ظلي. أنهمك في العمل. ألاحق المواعيد. يحاربني الوقت. يباغتني الأرق. يلاحقني التعب. يستيقظ ضميري فجراً على صوت المنبه. أشرب كأسي وحيداً. أناقش نفسي. أستمر بأصدقاء بنكهة الأعداء. بمعارف بنكهة الأصدقاء. أشاركهم عشاء شبه رسمي. غذاء عمل. موعد على فنجان قهوة خارج المكتب.


هناك أحاصر نفسي بالأسئلة. تداهمني الإجابات بدون حسم. توجه إلى السلطة سهامها بدون حزم. يغويني جمال الطريق. أبحث عن المعنى في الكلاب التي تجوب الشوارع. في هديل الحمام. في دقة مواعيد وصول الحافلات. في إنضباط الإشارات الضوئية. في ألوان قوس قزح.  في مسار الدراجات الهوائية. في ملل العيش بدون إنقطاع التيار الكهربائي. في نموذجية المياه  الباردة التي تمنحها لنا الحنفية. في رتابة الأشياء. في إنتظار موعدي مع الطبيب أسبوعاً كاملا كي أقابلة عشر دقائق.في عبث الحياة. في موعد الموت . في يوم القيامة. في حكمة الألهة. في حماقة البشر. في الحفرة التي وجدت نفسي فيها مع أعداء دمي.


هناك أبحث عن هنا. أبحث عن دمي الذي لم ينزف. عن كلامي الذي لم أحكيه. عن مشاعري الدفينة. عن ذكرياتي المخفية. عن الدبكة التي لم أتقنها. عن سبب فيضان الأدرنالين من دمي في المسرح الروسي عندما إنطلق أحمد قعبور ب " أناديكم". عن المطارات. عن القطارات. عن علاقاتي السريعة التي لم تتم. عن حياتي الزوجية. عن المشي وحيدا في "درب الألام". عن إنتظاري لجودو.


هناك أستمر في عبثي. في تكرار ذاتي. في أن أكون هنا. في مداعبتي السمجة لروحي. في حنيني لمعانقة القمر. للعودة إلى دفتر الرسم. للرجوع إلى الجنة الموعودة. لإستعادة الفردوس المفقود. لاقتناء أرض جدي في المريخ. في بحثي عن أحصنة خشبية. في محاولة قياس المسافة بين عقلي و قلبي. في محاولة اختزال نفسي في بضعة أسطر.



5/9/ 2016










ليست هناك تعليقات: